إن سماع القرآن الكريم هو من أفضل ما تسمع الأذن البشرية
إذ إنه يعطي الصفاء و الهدوء و الراحة النفسية التامة
و يعيد التوازن للإنسان و يسيطر على توازن حياته
ولكن الحسرة على من لا يستطيعون إدراك لذة السماع له
التعود على سماع الأصوات الدخيلة على حياتنا المعاصرة من أغاني عربية و أجنبية و بشتى ألوانها و أشكالها و ما يرافقها من موسيقى سواء كانت صاخبة أم هادئة فهي ضرر للأذن البشرية كما هي ضرر أيضا للنفس البشرية
وقد طرأ على الموسيقى منذ بدايتها الكثير من التغيرات حتى أنه في عصرنا الحالي أصبح الصراخ و الضجيج و الجنون نوعاً مميزاً و مفضلاً لدى البعض من أنواع الموسيقة
هذه هي قاذورات السمع (أعزكم الله ) التي تدخل حياتنا بالتدريج و نطوع الأذن على سماعها تدريجياً لنشعر في النهاية أنه مطلب الأذن و مصدر الراحة و الإسترخاء
والحل لهؤلاء الذين خدعو بالحضارة الحديثة و الموسيقى الراقية هو سهل و بسيط و لا حل آخر سواه
وهو التنظيف : تنظيف الأذن البشرية من قاذورات الأصوات التي إعتادوا عليها و هذا يكون في التوقف عن سماعها نهائياً و التركيز على سماع القرآن الكريم و الإستمتاع به, و أيضا الإستمتاع بالهدوء و السكون في بعض الأحيان
وهذه العملية تحتاج إلى صبر وجلد و ثبات على الإستماع للقرآن الكريم حيث أنه في البداية ربما سوف لن تشعر بلذة القرآن و لن تستطيع فهم بعضه وربما تنسى بعض ما فهمت و لكن في نهاية المطاف ستحصل على عقل نظيف وأذن صافية و إستقرار نفسي رائع و ستتكون لديك حكمة العلماء لما في القرآن من شمول لكل أمور الحياة
وللتتوضيح أكثر أترككم مع هذه القصة التي سمعتها من أحد مشايخنا
قصة سلّة الفحم والقرآن الكريم
كان هناك رجل يعيش في مزرعة بإحدى الجبال
مع حفيده الصغير
وكان الجد يستيقظ كل يوم في الصباح الباكر
ليجلس إلى مائدة المطبخ ليقرأ القرآن
وكان حفيده يتمنى إن يصبح مثله في كل شيء
لذا فقد كان حريصا على أن يقلده في كل حركة يفعلها
وذات يوم سأل الحفيد جده:
يا جدي ، إنني أحاول أن أقرأ القرآن مثلما تفعل
ولكنني كلما حاولت أن أقرأه
أجد انني لا أفهم كثيراً منه
وإذا فهمت منه شيئاً فإنني أنسى ما فهمته بمجرد أن أغلق المصحف
فما فائدة قراءة القرآن إذاً ؟
كان الجد يضع بعض الفحم في المدفأة
فتلفت بهدوء وترك ما بيده ثم قال:
خُذ سلة الفحم الخالية هذه ، واذهب بها إلى النهر
ثم ائتِني بها مليئة بالماء
ففعل الولد كما طلب منه جده،ولكنه فوجىء بالماء كله يتسرب من السلة قبل أن يصل إلى البيت
فابتسم الجد قائلاً له:
ينبغي عليك أن تُسرع إلى البيت في المرة القادمة يا بُني
فعاود الحفيد الكرَّة
وحاول أن يجري إلى البيت
ولكن الماء تسرب أيضاً في هذه المرة
فغضب الولد وقال لجده:
إنه من المستحيل أن آتيك بسلة من الماء
والآن سأذهب وأحضرالدلو لكي أملؤه لك ماءً
فقال الجد:
لا ، أنا لم أطلب منك دلواً من الماء
أنا طلبت سلة من الماء
يبدو أنك لم تبذل جهدا ًكافياً ياولدي
ثم خرج الجد مع حفيده ليُشرف بنفسه على تنفيذ
عملية ملء السلة بالماء
كان الحفيد موقن اًبأنها عملية مستحيلة
ولكنه أراد أن يُري جده بالتجربة العملية
فملأ السلة ماء ،ثم جرى بأقصى سرعة إلى جده
ليريه وهو يلهث قائلاً:
أرأيت؟ لافائدة
فنظر الجد إليه قائلا:
أتظن أنه لا فائدة مما فعلت؟
تعال وانظر إلى السلة
فنظر الولد إلى السلة
وأدرك للمرة الأولى أنهاأصبحت مختلفة
لقد تحولت السلة المتسخة بسبب الفحم
إلى سلة نظيفة تماما ً من الخارج والداخل
فلما رأى الجد الولد مندهشاً ، قال له :
هذا بالضبط مايحدث عندما تقرأ القرآن الكريم
قد لا تفهم بعضه
وقد تنسى ما فهمت أوحفظت من آياته
ولكنك حين تقرؤه
سوف تتغير للأفضل من الداخل والخارج
تماما ًمثل هذه السلة.